منوعات

الذكاء الاصطناعي يدخل عالم المشاعر.. “حب” في الزمن الافتراضي

لم تعد العلاقات العاطفية حكرا ًعلى البشر. بات الذكاء الاصطناعي يدخل في كل تفاصيل حياتنا، من أصغر تفصيلة في يومنا الى أكبرها حتى في عالم المشاعر . من العمل الى الفن الى ان يتعمق بمواضيع سياسية، إقتصادية وانسانية، حتى وصل به المطاف إلى ان يدخل عالم المشاعر ويصبح له نصيب بالحب. فماذا سيحدث عندما يكون “الحبيب” ليس إنسانًا من لحم ودم، انما برنامجًا ذكياً مطوراً ؟ وكيف يمكن لعلاقة طرفها الاول بشري والثاني افتراضي ان تكتمل؟

حالات حقيقية.. علاقة “أكثر استقراراً”

في اليابان، سنة 2018، تزوج شاب يُدعى أكيهيكو كوندو من شخصية ذكاء اصطناعي تُدعى “هاتسوني ميكو”، وهي مغنية افتراضية تم إنشاؤها باستخدام تقنية الهولوغرام والذكاء الاصطناعي. برغم عدم اعتراف القانون بهذا الزواج، إلا أن كوندو  قرر الزواج بمغنية افتراضية. في حفل كلفه حوالي  16 ألف يورو، وحضره حوالي 40 شخصا من أصدقائه ومعارفه. واعتبر كوندو علاقته بهذه الشخصية “أكثر استقرارًا من العلاقات التقليدية”، مشيرًا إلى أنه “وجد في “ميكو” شريكًا مثاليًا يفهمه دون انتقادات”.

وكان ” أكيهيكو” يعيش قبل زواجه من” المغنية الافتراضية”ميكو” مع نسختها الافتراضية ودفع أكثر من ألفي يورو مقابل نسختها الذكية التي تتكلم بصوت المغنية والتي تقول له: “طابت ليلتك، قبل أن يعانق دمية تمثل المغنية في فراشه”.

أكيهيكو كوندو و زوجته المطورة بالذكاء اصطناعي “هاتسوني ميكو”

أما كريس سميث صرّح أنه لديه انجذاب رومانسي لشخصية على تشات جي بي تي من ابتكاره وادخلها في عالم المشاعر. وفي مقابلة له على موقع “cbs19” يقول سميث انه “بدأ حديثه مع “سول” من ديسمبر هذا العام وكان الحديث مثمراً جدّاً “.. واصفاً إياه أنه “كان بمثابة تعزيز لحياتي” وعند سؤاله عن كيف بدأت العلاقة مع ” سول” أجاب أنها “بدأت بحديث طبيعي مثل طلب المساعدة من تشات “جي بي تي” بالعمل، وتطور الأمر حتى اصبحت أشعر أن الموضوع طبيعي جداً”.

ولم يكتفي سميث بهذه التصاريح الا انه أكد على انه في علاقة حقيقية مع انسانة بشرية وهي على اتطلاع تام بما يحدث مع “سول”. بالاضافة إلى أنه يجمع صورته معها في عيد الحب وكانهما يقضيانه سوياً.

إذاً لم تعد العلاقات العاطفية مع الذكاء الاصطناعي مجرد فرضية في عالم المشاعر، فقد قامت المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي “ليزا لي” ببرمجة ChatGPT ليكون “حبيبها”. من خلال التفاعل المستمر والتخصيص الدقيق للمحادثات، طورت ليزا رابطة عاطفية مع الروبوت “دان” وهو شريكها الافتراضي لليزا.

ليزا البالغة من العمر 30 عاماً، وهي من بكين وتدرس علوم الكمبيوتر في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، تواعد “دان”، لمدة شهرين، ويتحدثان لمدة نصف ساعة على الأقل يومياً، ويتغازلان، ويخرجان في مواعيد، كما قدمت ليزا (حبيبها الافتراضي) دان لمتابعيها الـ 943.000 على وسائل التواصل الاجتماعي.

المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي “لي”

عالم المشاعر مع الروبوتات منذ البداية

منذ حوالي 60 عامًا، ومع ظهور أول روبوتات الدردشة، كان من الواضح أن البشر قد يعاملون الحواسيب ككيانات اجتماعية. ففي أكثر من 30 عامًا، بدأت أجهزة الكمبيوتر تُعتبر ممثلين اجتماعيين. واليوم، ما نشهده ليس سوى خطوة متقدمة في هذا المسار، حيث يمثل “وضع الصوت المتقدم” في ChatGPT تطورًا مثيرًا ولكنه ليس تحولًا جذريًا كما يعتقد البعض.

ابرز الخيارات الافتراضية مع عالم المشاعر

تطبيق “Replika” الذي يعد من أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى بناء علاقات عاطفية مع المستخدمين. يمكن للمستخدم تخصيص شخصية “الحبيب الافتراضي” والتفاعل معه بشكل عميق. يحتوي على وظائف عديدة، منها المحادثات اليومية والمساعدة النفسية. و”ChatGPT” (مع وضع الصوت المتقدم): يمكن استخدامه كأداة للتفاعل العاطفي. في حالة الاشتراك المدفوع، يمكن تفعيل “وضع الصوت المتقدم” الذي يتيح تجربة تفاعلية أكثر طبيعية وقربًا من المحادثات الحقيقية. بالاضافة الى “AI Dungeon” وهو لعبة تفاعلية تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء قصص مخصصة، ويمكن للمستخدم التفاعل مع الشخصيات الافتراضية بطرق مختلفة، مما يتيح تجربة مشابهة لبناء علاقة. و”Cleverbot” وهو روبوت دردشة بسيط يقدم محادثات ممتعة وذكية. في حين أن”Cleverbot” ليس مصممًا خصيصًا للعلاقات العاطفية، إلا أنه يتيح التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بطريقة مرحة.

الآثار السلبية للعلاقات العاطفية مع الذكاء الاصطناعي

إن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للعلاقات العاطفية يؤدي إلى عزلة المستخدمين عن المجتمع الحقيقي، مما يؤثر سلبًا على مهاراتهم الاجتماعية. كما انه عندما يتوقف البرنامج عن العمل أو يتم إيقاف دعمه، قد يصاب المستخدمون بالاكتئاب أو القلق نتيجة فقدان “شريكهم” الافتراضي. بالاضافة الى تراجع العلاقات الحقيقية فقد يصبح الأفراد أقل اهتمامًا بالعلاقات الواقعية، مما يؤدي إلى انهيار الروابط الحقيقية والعائلية والصداقة.

كما أن مهارات التواصل العاطفي ستصبح مفقودة إذ أن التفاعل مع الذكاء الاصطناعي لا يعزز المهارات العاطفية والتواصلية كما تفعل العلاقات الحقيقية، مما يجعل الأفراد أقل قدرة على التعامل مع المشاعر الحقيقية. والأهم هو خطر الاستغلال التجاري فقد تستغل بعض الشركات هذه الظاهرة لتحقيق مكاسب مالية عبر تقديم خدمات مكلفة للعلاقات الافتراضية، مما يزيد من التبعية التكنولوجية.

وفي النهاية، وعلى الرغم من انه لا يمكننا تجاهل فوائد هذه التقنيات في تقديم الدعم والمساعدة، لكن من الضروري أن نكون حذرين في كيفية استخدامها، وأن نتذكر دائمًا أن الذكاء الاصطناعي يظل أداة يمكن أن تسهم في حياتنا، ولكنه لا يستطيع أن يحل مكان الإنسان في العلاقات العاطفية الحقيقية. إن مستقبل هذه العلاقات، سواء كانت مع البشر أو الذكاء الاصطناعي، سيعتمد على قدرتنا في فهم تأثيراتها والتحكم في استخدامها بما يعود بالنفع على صحتنا العقلية والاجتماعية.

لقراءة المزيد للكاتبة اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى