الذكاء الاصطناعي في العلاج الفيزيائي: ثورة في إعادة تأهيل الرياضيين داخل الفرق الرياضية

في الرياضة الحديثة، حيث يمكن أن تكون الإصابة الفارق بين نجمٍ ساطعٍ ولاعبٍ خارج الحسابات، بات العلاج الفيزيائي أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى. مع تسارع وتيرة المباريات والضغوط البدنية الهائلة على اللاعبين، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا أساسيًا من استراتيجية الأندية الكبرى للحفاظ على صحة الرياضيين وتقليل فترات غيابهم بسبب الإصابات.
وفي هذا الشأن يقول الدكتور زاهر محسن، الأخصائي في العلاج الفيزيائي الرياضي لـ edrak404: “التطور التكنولوجي غيّر قواعد اللعبة في الطب الرياضي. اليوم، لا نعتمد فقط على الخبرة البشرية، بل نستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات اللاعبين، التنبؤ بالإصابات، وتصميم برامج إعادة تأهيل أكثر كفاءة.”

كيف غيّر الذكاء الاصطناعي العلاج الفيزيائي للرياضيين؟
1-التنبؤ بالإصابات قبل حدوثها: تعتمد أندية مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي وباريس سان جيرمان على خوارزميات ذكاء اصطناعي لتحليل بيانات اللاعبين، بما في ذلك: معدلات الإجهاد البدني أثناء المباريات والتدريبات، أنماط الحركة ومدى الضغط على العضلات والمفاصل، ومستويات الإرهاق والتعافي بعد كل جلسة تدريبية.
هذه البيانات تساعد الفرق الطبية في التنبؤ بإمكانية تعرض اللاعب لإصابة، مما يسمح للمدربين باتخاذ قرارات استباقية مثل تقليل دقائق اللعب أو تعديل التدريبات. مثلا: في موسم 2021-2022، استخدم ليفربول تقنية تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي، مما ساهم في تقليل الإصابات العضلية بنسبة 33% مقارنة بالمواسم السابقة، وفقًا لموقع The Athletic.
- تحسين إعادة التأهيل وتسريع التعافي
يوضح الدكتور محسن إن “إعادة التأهيل لم تعد مجرد تمارين تقليدية، بل أصبحت تجربة قائمة على تحليل البيانات في الوقت الفعلي، مما يسمح بتكييف العلاج وفقًا لاستجابة كل لاعب”. - تخصيص خطط العلاج وفقًا لكل لاعب
كل لاعب لديه بنية جسدية مختلفة، واستجابة مختلفة للإجهاد. بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن للفرق الطبية تصميم خطط علاج فردية استنادًا إلى البيانات البيومترية لكل لاعب، مما يضمن تعافيًا أكثر كفاءة. مثلا في عام 2023، استخدم بايرن ميونيخ تقنية Digital Twin AI، التي تقوم بإنشاء نموذج رقمي لجسد اللاعب بناءً على بياناته الحيوية، مما ساعد في تخصيص برامج التأهيل لتناسب حالته الفردية، وفقًا لموقع FIFA Medical Network.

روبوتات العلاج الفيزيائي
بعض الأندية، مثل يوفنتوس وبايرن ميونيخ، بدأت باستخدام روبوتات مدعمة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة اللاعبين المصابين على استعادة وظائفهم الحركية بسرعة ودقة. كما تعتمد فرق مثل برشلونة على الذكاء الاصطناعي لمراقبة استجابة العضلات أثناء إعادة التأهيل، مما يسمح بتعديل البرامج العلاجية في الوقت الفعلي بناءً على مدى استجابة اللاعب. بينما تستخدم أندية مثل مانشستر يونايتد برامج ذكاء اصطناعي لتحليل طريقة مشي اللاعب بعد الإصابة، والتأكد من عودته التدريجية إلى حالته المثلى، مما يقلل من خطر الانتكاس.

التحديات والقيود:
“على الرغم من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات يجب التعامل معها، أبرزها مدى دقة تحليل البيانات ومدى تأثير هذه التقنيات على سوق العمل للمعالجين الفيزيائيين”. وبحسب الدكتور محسن، فإن الذكاء الاصطناعي يعالج البيانات، لكنه لا يستطيع استبدال الحدس البشري والخبرة السريرية التي يمتلكها أخصائيو العلاج الفيزيائي. كما يرى أن كل الأندية ليست قادرة على تحمل نفقات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، مما يخلق فجوة بين الفرق الغنية والفقيرة.
ومع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي، هناك مخاوف من تقليص عدد الوظائف المتاحة للمعالجين الفيزيائيين، إذ قد تعتمد الفرق أكثر على التكنولوجيا بدلاً من الخبرة البشرية.

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تجريبية في العلاج الفيزيائي الرياضي، بل أصبح ركيزة أساسية في استراتيجيات الأندية الكبرى للحفاظ على صحة لاعبيها. من التنبؤ بالإصابات إلى تسريع التعافي، يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في الطب الرياضي. ومع استمرار الأبحاث والتطورات، قد يكون المستقبل خاليًا من الإصابات طويلة الأمد، مما يسمح للرياضيين بالوصول إلى أقصى إمكاناتهم دون قيود جسدية.