
يعتبر الرسم نوع من اهم انواع الفنون الجميلة، يعبر بها الفنان عن مشاعره و تعبيراته على لوحة فنية. ويتميز كل رسام باسلوبه الخاص فمن الصعب في عالم الفن ان تتشابه اللوحات بنسبة عالية، فلكل لوحة روحها الخاصة التي تعبر عن مصممها. فهل سيستطيع الذكاء الاصطناعي ان يغير هذه المعادلة او ان يعبر عن مشاعر الفنانين كما تعبر اناملهم؟
مع ظهور تقنيات الذكاء الإصطناعي ظهرت برامج الرسم الذكية التي احدثت تغييرا كبيرا و تحدي جديد في عالم الفن.في البداية، كان هناك برامج تقليدية للرسم مثل ” Adobe Photoshop ” و “Draw corel ” ، والتي تعتمد على الأدوات اليدوية الميكانيكية فقط. لكن الان باتت البرامج الذكية تقدم أدوات جديدة تعتمد على تقنيات مثل التعلم الآلي والتعرف على الأنماط.
الذكاء الاصطناعي يطور برامج الرسم
أواخر التسعينات وأوائل الألفية بدأت برامج الرسم التقليدية في تحسين أدواتها لتقديم دعم أكبر للمستخدمين، مثل أدوات التحديد التلقائي وتحسين الصور. بدأ ظهور أدوات معتمدة على الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر وضوحًا بين 2000 و 2010 مثل القدرة على تطبيق تأثيرات معتمدة على الخوارزميات التي تفهم الصور، كتحسين التفاصيل أو تقليد الأنماط الفنية. من 2010 حتى الوقت الحالي ظهرت البرامج الذكية التي باستطاعتها توليد صورة فنية كاملة من خلال الاوصاف النصية او تحويل الصور الى انماط فنية بالاضافة الى التلوين التلقائي، تحويل الرسومات إلى صور واقعية، وغيرها.
برامج الذكاء الاصطناعي للرسم
تنقسم هذه البرامج الى نوعان النوع الاول يستخدمه الرسامين لتطوير رسوماتهم او لانشاء مسودات قبل الرسم او لخوض تجربة الرسم الرقمي الجديد، مثل ” Corel Painter” ، “ Adobe Fresco ” و ” Procreate ” هذه البرامج تستخدم الذكاء الإصطناعي لتحسين جودة الرسومات حيث تقدم مجموعة كبيرة من الأدوات التي تحاكي الوسائط التقليدية مثل الألوان المائية والزيوت و الفرش الذكية لتعديل وتحسين الرسومات بشكل رقمي.

اما النوع الثاني فيتيح لأي شخص، حتى من دون خبرة فنية، إنشاء لوحات مبهرة بمجرد إدخال وصف نصي، او تحويل الصور الى رسومات.مثل “Artbreeder ” موقع يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء وتوليد الصور الفنية و يتيح للمستخدمين تعديل الصور وتحسينها ، مما يوفر خيارات واسعة في مجال التصميم. و ” DeepArt” خدمة عبر الإنترنت تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحويل الصور إلى أعمال فنية باستخدام أنماط فنية شهيرة.
حقوق الملكية الفكرية

يطرح تطور برامج الرسم الذكية قضية جديدة على الساحة القانونية من ناحية حقوق الملكية الفكرية، إذ يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل أعمال فنانين سابقين دون إذن منهم، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأدوات تقوم بـ”سرقة” الأساليب الفنية أم أنها مجرد وسيلة للإبداع الجديد.
الذكاء الاصطناعي تهديد ام فرصة تعاون؟
هذا الوجه الجديد للفن، يشعر العديد من الرسامين بالقلق. فهناك من يرى أن الذكاء الاصطناعي قد يقلل من قيمة العمل الفني اليدوي و يسرق منه روحه ، خاصة مع ظهور أعمال تولدها الخوارزميات في ثوانٍ، بينما يستغرق الفنان ساعات أو أيامًا لإنجاز لوحة واحدة. فهل يمكن للآلة أن تحل محل الإبداع البشري؟

الى حد يومنا هذا و بالرغم من قدرات الذكاء الاصطناعي المذهلة، يظل العنصر البشري أساس الفن. فالفن ليس مجرد صورة جميلة، بل هو تعبير عن مشاعر، تجربة شخصية، ورؤية فلسفية للعالم. والذكاء الاصطناعي قد يكون قادرًا على محاكاة الأنماط، لكنه لا يستطيع الإبداع من منطلق عاطفي أو تجربة شخصية مثلما يفعل الرسامون. لكن مع الوقت لا يمكن توقع ما قد يتعلمه الذكاء الاصطناعي من ذكاء عاطفي و غيره.
و اليوم يمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي فرصة للتعاون بدل أن يكون تهديدًا، باعتباره فرصة لإعادة تعريف الفن وأساليبه، و يمكن للفنانين استخدامه لاستكشاف أشكال جديدة من الإبداع، كما يمكن أن يكون وسيلة لجعل الفن أكثر سهولة وانتشارًا.
في النهاية، لا يمكننا توقع ما سيأتي به الذكاء الاصطناعي من ابداعات جديدة، لكنه بلا شك لن يحل محل الرسامين لكنه سيغير الطريقة التي يتم بها إنتاج الفن وتقديره. المستقبل الغامض قد لا يكون صراعًا بين البشر والآلة، بل تعاونًا بينهما لصياغة أشكال جديدة من الجمال البصري.