من الأحذية الذكية إلى الجوارب المبتكرة: تقنيات حديثة لرفع مستوى الأداء الرياضي

تخيّل لو كان بإمكان المدربين رؤية كل حركة للاعب على أرض الملعب بدقة خارقة، ليس فقط بالعين المجردة، ولكن عبر بيانات تفصيلية تُحلل في الوقت الفعلي! هذا لم يعد خيالًا علميًا، بل أصبح واقعًا بفضل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا القابلة للارتداء. اليوم في عالمنا هذا، تُستخدم الملابس الرياضية الذكية والأحذية الذكية ومستشعرات متطورة مثبّتة على الأحذية والقمصان لمراقبة أداء اللاعبين، تحليل تحركاتهم، وحتى التنبؤ بإصاباتهم قبل حدوثها. في هذا التقرير، سنستعرض كيف غيّرت هذه التقنيات الحديثة عالم كرة القدم والرياضة بشكل عام، ومدى تأثيرها على تطور الأداء الرياضي.
الأحذية الذكية:
بدأت صناعة الأحذية الرياضية تشهد تحولاً جذريًا مع تطور التكنولوجيا. العديد من الشركات الكبرى مثل أديداس ونايكي طوّرت أحذية ذكية مزودة بمستشعرات متطورة لقياس الأداء في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، في عام 2016، ارتدى كريستيانو رونالدو حذاءً من إنتاج نايكي مزودًا بتقنيات مبتكرة تتضمن مستشعرات في الكعب يمكنها تتبع سرعة اللاعب، والتحركات، إضافة إلى قياس المسافة المقطوعة أثناء المباريات. هذه التقنية توفر بيانات دقيقة حول أداء اللاعب، مما يساهم في تحسين مستوى أدائه داخل الملعب ويقلل من خطر الإصابة.

وفي هذا الشأن يقول الصحافي المختص بالشؤون التكنولوجية شادي عواد لـ edrak 404 إن، “الأحذية الذكية تعد نقلة نوعية في فهم أداء اللاعبين، فهي تتيح تتبع الحركة بشكل أكثر دقة وتفصيل، مما يساعد المدربين في اتخاذ قرارات استراتيجية قائمة على بيانات فعلية وليس مجرد تقديرات.”
الصدريات الذكية (GPS Sports):
من التقنيات الأخرى التي أصبحت شائعة في عالم الرياضة هي الصدريات المزودة بأجهزة GPS، التي تُستخدم بشكل من التقنيات الأخرى التي أصبحت شائعة في عالم الرياضة هي الصدريات المزودة بأجهزة GPS، التي تُستخدم بشكل خاص في فرق كرة القدم. هذه الصدريات تحتوي على مستشعرات تسجل البيانات الحيوية مثل معدل ضربات القلب، المسافة التي قطعها اللاعب، والسرعة، فضلاً عن مستوى الضغط على الجسم أثناء التمرين أو المباريات. تساعد هذه الأجهزة المدربين على تحديد النقاط التي يحتاج فيها اللاعبون إلى تحسين أدائهم، وتساعد في الوقاية من الإصابات من خلال مراقبة الجهد المبذول. كما أنها توفر قاعدة بيانات غنية لتحليل الأداء بشكل دوري وتحقيق أفضل نتائج في التدريب، وفقًا لما ذكره موقع “Catapult“.
ويضيف: “الصدريات المزودة بأجهزة GPS تمثل حجر الزاوية في تتبع الأداء الرياضي بشكل دقيق. فهي توفر تحليلاً شاملًا للأداء البدني، مما يسمح للفرق الطبية والمدربين باتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين التدريب وتجنب الإصابات.”
وقد اعتمدت العديد من الفرق والمنتخبات العالمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين أدائها. على سبيل المثال، يستخدم نادي ليفربول الإنجليزي أجهزة تتبع GPS وبرامج تحليل البيانات لمراقبة لياقة لاعبيه وأدائهم. تجمع هذه الأجهزة مقاييس مثل السرعة، المسافة، والتسارع، وتُرسلها إلى السحابة لتحليلها في الوقت الفعلي، مما يساعد المدربين على فهم نقاط القوة والضعف لدى اللاعبين وتطوير استراتيجيات تدريبية فعّالة.

الجوارب الذكية:
أما الجوارب الذكية فهي إحدى التقنيات التي بدأت تكتسب شعبية في السنوات الأخيرة. فهي مزودة بمستشعرات تتيح تتبع حركة القدم، قياس الضغط على القدم أثناء الجري أو المشي، إضافة إلى تحليل طريقة الجري بشكل شامل. على سبيل المثال، قدمت شركة Sensoria جوارب ذكية لقياس السرعة والمسافة والضغط على القدم، والتي تُرسل البيانات إلى تطبيق على الهاتف المحمول لتمكين الرياضيين والمدربين من مراقبة الأداء بشكل دقيق. هذه الجوارب تعتبر مثالية للعدائين وفرق الرياضة التي تسعى لتحليل أسلوب الجري وتحسينه.
كما أطلقت شركة Puma جوارب ذكية تم تصميمها خصيصًا للاعبي كرة القدم، تحتوي على مستشعرات لقياس قوة الضغط على القدم أثناء اللعب. هذا يسمح بتحديد المناطق التي قد تحتاج إلى تقوية في أسلوب الجري أو الركض، وبالتالي تحسين الأداء.

أيضًا، قامت New Balance بتطوير جوارب ذكية مزودة بمستشعرات لقياس الضغط والحركة، والتي تُستخدم لتقييم تأثير الأحمال البدنية على القدمين أثناء الأداء الرياضي. هذه الجوارب تُستخدم في تحليل حركة القدمين بشكل دقيق، مما يساعد في تحديد أي اختلالات قد تسبب إصابات.
شادي عواد يختتم قائلاً إن “الجوارب الذكية تقدم فرصة فريدة لتحليل الحركة بتفاصيل دقيقة، وهذا يساعد على تحسين الأداء الرياضي وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تدريب أكثر تحديدًا.”
فوائد استخدام الأحذية الذكية في الرياضة
توفر التقنيات القابلة للارتداء مثل الأحذية والجوارب الذكية العديد من الفوائد الهامة للرياضيين. أولاً، تساعد هذه الأجهزة في تحسين الأداء البدني من خلال تقديم بيانات دقيقة حول السرعة، المسافة، والطريقة التي يتحرك بها اللاعب. ثانيًا، تسهم في الوقاية من الإصابات عبر مراقبة الجهد المبذول من قبل الرياضي وتحليل الضغط على أجزاء مختلفة من الجسم. علاوة على ذلك، توفر هذه الأجهزة قاعدة بيانات غنية تمكّن المدربين من تخصيص برامج تدريبية متطورة تلائم احتياجات كل لاعب على حدة.
على سبيل المثال، تُستخدم الملابس الإلكتروميوغرافية الذكية لقياس النشاط الكهربائي للعضلات، مما يساعد في تقييم جودة التمارين وتطوير الأداء البدني.
تحديات وتطلعات مستقبلية
رغم الفوائد العديدة، تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي في تتبع أداء اللاعبين تحديات، مثل ضمان دقة البيانات، حماية خصوصية اللاعبين، وتكلفة هذه التقنيات. ومع ذلك، يُتوقع أن تستمر هذه التكنولوجيا في التطور، مع تحسينات في دقة المستشعرات وتكاملها مع استراتيجيات التدريب، مما سيسهم في رفع مستوى الأداء الرياضي عالميًا.
باختصار، ما كان في السابق مجرد حدس مدربين أو تخمينات محللين، أصبح اليوم علمًا قائمًا على البيانات، مدعومًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي. من تحليل سرعة اللاعبين في سباقات السرعة إلى مراقبة إجهاد العضلات عبر القمصان الذكية والأحذية الذكية، لم تعد التفاصيل الصغيرة تمر دون تسجيل. ومع استمرار التطور التكنولوجي، يبدو أننا نقترب من عصر يستطيع فيه الذكاء الاصطناعي تقديم استراتيجيات تدريب مخصصة لكل لاعب، بل وربما استبدال بعض القرارات التحكيمية ببيانات دقيقة لا تقبل الجدل! السؤال الأهم الآن: إلى أي مدى يمكن لهذه التقنيات أن تغيّر مستقبل الرياضة؟ الأيام القادمة تحمل الإجابة.