الصين تقترب من الهيمنة على الذكاء الاصطناعي: هل انتهى التفوق الأميركي؟

“إيرني إكس 1” يقلب المعادلة في سباق الذكاء الاصطناعي
لم يعد السباق على الذكاء الاصطناعي مقتصرًا على الولايات المتحدة، فالصين تقتحم الساحة بقوة من خلال نموذجها الجديد “إيرني إكس 1” الذي طورته شركة “بايدو”. هذا النموذج ليس مجرد تحديث اعتيادي، بل هو قفزة نوعية تنافس كبرى النماذج الأميركية مثل GPT-4 الذي طورته شركة “أوبن إيه آي” وشبيهه Gemini من “غوغل”.
يتميز “إيرني إكس 1” بقدرته الفائقة على فهم وتحليل النصوص وإجراء العمليات الحسابية المعقدة، كما أنه يوفر حلولاً أكثر كفاءة في المحادثات التفاعلية، الترجمة الدقيقة، والتعلم العميق. والأهم أنه يأتي بتكلفة تطوير أقل بكثير من النماذج الغربية، مما يجعله خيارًا جذابًا للأسواق الناشئة التي تسعى لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي.
العقوبات الأميركية: نقمة تحولت إلى نعمة للصين

منذ عام 2019، فرضت الولايات المتحدة قيودًا صارمة على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة والتقنيات الدقيقة للصين، في محاولة للحد من تطور قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة. لكن هذه العقوبات لم تؤدِّ إلى إبطاء النمو الصيني، بل دفعت الشركات الكبرى مثل “بايدو” و”علي بابا” و”هواوي” إلى تطوير بدائل محلية، مما حفز الابتكار بشكل غير متوقع.
بحسب تقرير صادر عن “معهد ستانفورد لأبحاث الذكاء الاصطناعي“، فإن الصين تجاوزت الولايات المتحدة في عدد الأبحاث والمنشورات العلمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، كما أنها تقود العالم في براءات الاختراع الخاصة بتكنولوجيا التعلم العميق. هذه المؤشرات تعكس مدى سرعة تطور الصين في هذا المجال، رغم محاولات العزل التقني التي تمارسها الولايات المتحدة.
“إيرني إكس 1” يهدد عمالقة الذكاء الاصطناعي الأميركي

يرى الدكتور نادر غزال، رئيس المجلس الأفريقي الآسيوي للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، أن الصين ليست فقط تقلد النماذج الأميركية، بل إنها تتجاوزها في بعض المجالات، وخاصة في الحوسبة الكمومية، معالجة البيانات الضخمة، والتعلم التكيفي.
وأضاف أن إطلاق “بايدو” لنماذجها المتطورة مثل “إيرني 4.5″ و”إيرني إكس 1” يعزز من مكانة الصين عالميًا، ويضع ضغطًا هائلًا على شركات مثل “أوبن إيه آي” و”غوغل” و”مايكروسوفت” التي تسعى للحفاظ على صدارتها.
كما أكد غزال أن “ديب سيك”، الشركة الصينية الرائدة في الذكاء الاصطناعي، قد تصبح التهديد الأكبر للبرمجيات الأميركية، خاصة أن منتجاتها تتميز بكفاءة عالية مع تكاليف تشغيل منخفضة، مما يجعلها منافسًا حقيقيًا في الأسواق الدولية.
السباق الأميركي الصيني: معركة تكنولوجية لا تتوقف

المهندس هشام الناطور، خبير تكنولوجيا المعلومات، يرى أن الذكاء الاصطناعي أصبح ساحة حرب باردة بين الصين وأميركا، حيث تسعى كل دولة للسيطرة على هذه التكنولوجيا الاستراتيجية التي ستحدد مستقبل الاقتصاد والأمن العالمي.
وأضاف أن الولايات المتحدة لا تزال تتفوق في تصميم الرقائق الإلكترونية، حيث تهيمن شركات مثل “إنفيديا” و”إنتل” و”AMD” على سوق أشباه الموصلات. ولكن الصين تداركت الأمر سريعًا، واستثمرت مليارات الدولارات في تطوير رقائق متقدمة محلية الصنع مثل تلك التي تنتجها شركة “SMIC”، مما يقلل من اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.
هل تستطيع الصين انتزاع الصدارة في الذكاء الاصطناعي؟

رغم التقدم الهائل الذي تحققه الصين، إلا أن أميركا لا تزال تمتلك اليد العليا في بعض المجالات، مثل تطوير النماذج العملاقة للذكاء الاصطناعي، والابتكارات في الروبوتات المتقدمة وأنظمة التعلم العميق.
لكن في المقابل، الصين تتمتع بدعم حكومي هائل، وسوق محلية ضخمة، وتكلفة إنتاج منخفضة، مما يمنحها ميزة تنافسية قوية قد تمكنها من تجاوز الولايات المتحدة خلال العقد القادم.
الخلاصة: المستقبل لمن؟
المنافسة بين الصين وأميركا في مجال الذكاء الاصطناعي ليست مجرد صراع اقتصادي، بل هي معركة جيوسياسية ستحدد من سيتحكم في المستقبل الرقمي للعالم. وبينما تحاول أميركا عرقلة الصعود الصيني، يبدو أن بكين تسير بثبات نحو تحقيق حلمها في أن تصبح القوة العظمى الرائدة في الذكاء الاصطناعي.
يبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام نهاية الهيمنة الأميركية في التكنولوجيا، أم أن وادي السيليكون سيحافظ على تفوقه؟
لقراءة المزيد للكاتبة اضغط هنا