Ai والطب

الذكاء الاصطناعي والجراحة الروبوتية في لبنان: إنجاز جديد أم تكرار للنجاحات السابقة؟

شهد القطاع الطبي في لبنان تطورًا بارزًا مع إعلان مستشفى أوتيل ديو دو فرانس (HDF) عن إدخال نظام الجراحة الروبوتية المتطور “فيرسيوس” (Versius) من شركة كامبريدج ميديكال روبوتيكس (CMR). وتهدف هذه الخطوة إلى تحسين أداء العمليات الجراحية وتعزيز مستوى الرعاية الطبية، في ظل تطور ملحوظ يشهده العالم في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الروبوتية، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التطورات الطبية الحديثة. وتعتبر هذه الخطوة من أبرز المحطات التي تجسد تفاعل الذكاء الاصطناعي مع الطب، لتكون شاهدًا على كيفية تسخير التكنولوجيا في خدمة صحة الإنسان.

الذكاء الاصطناعي في الجراحة الروبوتية: هل يشهد لبنان قفزة نوعية؟

يمثل هذا النظام واحدًا من أكثر الابتكارات تقدمًا في مجال الجراحة الروبوتية، حيث يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحسين دقة العمليات، مما يقلل من المضاعفات ويساهم في تسريع فترة تعافي المرضى. يعزز النظام أيضًا من قدرة الجراحين على التحكم الحساس والدقيق في الأدوات الجراحية، مما يقلل من تدخل الإنسان ويزيد من فرص نجاح العمليات. إن هذه الابتكارات الطبية تعكس أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في تقديم الرعاية الصحية، ويؤكد دور لبنان كموقع ريادي في اعتماد هذه التقنيات الحديثة.

لكن، رغم الاحتفاء الواسع بإدخال هذا النظام، لا يمكن إغفال حقيقة أن لبنان لم يكن غائبًا عن هذا المجال في السنوات الماضية، حيث شهد مستشفيات عدة استخدام تقنيات الجراحة الروبوتية المعززة بالذكاء الاصطناعي. هذه التقنيات ساهمت بشكل كبير في تحديث وتطوير أساليب الجراحة في البلاد، مما يجعل الادعاء بأن هذه الخطوة هي “الأولى” في لبنان محل تساؤل.

بين عامي 2017 و2020: خطوات سباقة في الجراحة الروبوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

لم يكن مستشفى أوتيل ديو أول من أدخل الجراحة الروبوتية إلى لبنان. ففي عام 2017، سجلت الجامعة الأميركية في بيروت (AUBMC) إنجازًا طبيًا بارزًا باستخدام روبوت جراحي متطور لإجراء استئصال ورم في الكلية مع الحفاظ عليها، في عملية دمجت تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الجراحة الروبوتية، مما أتاح نتائج دقيقة وخفض معدلات الخطورة. كانت هذه العملية بداية لتحول كبير في كيفية استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي اللبناني.

وفي عام 2020، شهد لبنان طفرة كبيرة في هذا المجال، حيث استخدم مستشفى المشرق الفرنسي نظام “دا فينشي Xi” (VINCI Xi da) لتنفيذ عمليات جراحية دقيقة، بينما لجأ مستشفى الفقيه في الجنوب اللبناني إلى الذكاء الاصطناعي لإجراء جراحة معقدة. هذه الإنجازات تُعد بمثابة شهادة على مدى تطور الجراحة الروبوتية في لبنان، وعلى قدرات المستشفيات اللبنانية في تبني الابتكارات العالمية.

الذكاء الاصطناعي في زمن الجائحة: روبوتات لبنانية لمحاربة كورونا

لم تقتصر الابتكارات اللبنانية على الجراحة فحسب، بل امتدت لتشمل ابتكارات محلية في المجال الطبي. ففي ذروة جائحة كورونا عام 2020، قام المهندس طوني جورج أيوب بتصميم روبوتين لدعم مستشفى رفيق الحريري الحكومي. أحدهما كان مخصصًا لتعقيم غرف المرضى، بينما الآخر ساهم في تحليل العينات المخبرية. هذه الروبوتات كانت مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي ساعدت في تحسين فعالية العمليات الطبية، مما أضاف قيمة كبيرة في تعزيز سلامة المرضى في فترة كانت فيها الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم تواجه تحديات غير مسبوقة.

الذكاء الاصطناعي في الجراحة الروبوتية: نحو مستقبل أكثر تطورًا في الطب

على الرغم من أن إدخال نظام “فيرسيوس” إلى مستشفى أوتيل ديو يُعد إضافة نوعية، إلا أنه ليس أول إنجاز للبنان في هذا المجال. فالتاريخ الطبي اللبناني مليء بالمبادرات التي استفادت من الذكاء الاصطناعي والجراحة الروبوتية لتحسين جودة الرعاية الصحية. من خلال هذه الإنجازات العديدة، نرى أن لبنان كان وما زال في طليعة الدول التي تبنّت هذه التقنيات في وقت مبكر، مما يضعه في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.

من الضروري أيضًا أن نتذكر أن الجراحة الروبوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لم تقتصر على مستشفيات معينة، بل كانت موجهة نحو تعزيز مستوى الرعاية الصحية في جميع أنحاء لبنان. ومع ذلك، يبقى الأهم هو الاستفادة من هذه التطورات لرفع مستوى الرعاية الطبية في لبنان وتعزيز دور الذكاء الرقمي في تطوير العمليات الجراحية.

إن كل هذه الإنجازات تجعل من لبنان نموذجًا يحتذى به في استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب، وتضعه على الطريق الصحيح نحو مستقبل طبي أكثر تطورًا وابتكارًا.

أمل سيف الدين

أنا أمل سيف الدين، طالبة ماستر 2 في الإعلام الرقمي، وكاتبة في جريدة "الديار" ومحررة في موقعها الإلكتروني. كما أنني منتسبة إلى نقابة المحررين، وأسعى من خلال عملي إلى تسليط الضوء على القضايا المهمة ومواكبة تطورات الإعلام الرقمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى