Ai والمهن

الذكاء الاصطناعي والحكّام: هل اقترب عهد التحكيم الاصطناعي في كرة القدم؟

في عالم كرة القدم، حيث تتصاعد الهتافات ويتأرجح مصير المباريات على قرارات مصيرية، ظهر الذكاء الاصطناعي ليعيد تشكيل مشهد التحكيم الاصطناعي بشكلٍ لم يكن متوقعًا من قبل. فالتكنولوجيا التي كانت تُستخدم لمساعدة الحكّام أصبحت الآن تتخذ القرارات بنفسها، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل أصبح التحكيم الاصطناعي الحكم الفعلي في الملاعب؟

التحكيم الاصطناعي

كيف حلّ التحكيم الاصطناعي محل الحكّام؟

لطالما كان التحكيم في اللعبة الشعبية الأولى (كرة القدم) مثال جدل، حيث يمكن لقرارٍ خاطئ أن يغيّر مسار مباراة، بل وحتى تاريخ بطولة كاملة. ولهذا، بحث الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والبطولات الكبرى عن حلولٍ تقنية للحد من الأخطاء البشرية.

أحد هذه الحلول التي غيّرت معالم المستديرة الخضراء، هي تقنية حكم الفيديو المساعد (فار) التي تهدف إلى دعم الحكّام في اتخاذ قرارت أكثر دقة وتقليل الأخطاء البشرية. تعتمد هذه التقنية على مجموعة من الكاميرات عالية الدقة المثبتة في جميع أنحاء الملعب، حيث تقوم بالتقاط زاويا متعددة لكل حدث على أرضية الميدان. ويتم إرسال هذه اللقطات إلى غرفة تشغيل الفيديو، حيث يجلس فريق من حكّام الفيديو لمراجعة اللقطات المثيرة للجدل.

ووفقًا لموقع Insidefifa، فإن حكم الفيديو المساعد يستخدم تقنيات الـ AI لتحليل الحوادث بدقة، مثل التسلل ولمسات اليد وركلات الجزاء. في حال وجود لقطة مشكوك فيها، يتواصل حكم الفيديو المساعد مع حكم الساحة عبر نظام اتصال مباشر وذلك للتشاور، ويمكن للحكم مراجعة اللقطات بنفسه عبر شاشة على جانب الملعب قبل اتخاذ القرار النهائي.

تقنية التسلل شبه الآلية: سرعة ودقة غير مسبوقة

أحد أعظم الإنجازات التي قدمها التحكيم الاصطناعي غير الـ”فار” هو تقنية التسلل شبه الآلية (SAOT). تعتمد هذه التقنية على استخدام 28 كاميرا بصريّة في كل ملعب، تتابع حركة اللاعبين والكرة بمعدل 50 لقطة في الثانية. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان، فمن خلال خوارزميات دقيقة، يمكن لهذا النظام تحديد اللحظة الدقيقة لتمرير الكرة، وموقع كل جزء من جسم اللاعب، وارسال القرار خلال أقل من 30 ثانية ما يقلّل من زمن التوقف في المباريات.

التحكيم الاصطناعي

وقد تم تطبيق تقنية التحكيم الاصطناعي للمرّة الأولى في كأس العالم 2022 في قطر، حيث لعبت دورًا أساسيًا في اتخاذ قرارات التسلل بسرعة ودقة متناهية، ما أدى إلى تقليل الجدل حول القرارات التحكيمية. ففي المباراة الافتتاحية بين قطر والإكوادور، تم إلغاء هدف للفريق المضيف باستخدام التقنية المبتكرة بسبب تسلل تم اكتشافه بفارقٍ ضئيل. وفي مباراة السعودية والأرجنتين الشهيرة، استُخدمت أيضًا هذه التقنية حيث تم الغاء ثلاثة أهداف لـ “التانغو” بسبب التسلل، ما أحدث مفاجأة كبرى في الأوساط الرياضيّة وأسهم في فوز “الأخضر” السعودي بالمباراة حينها. ومنذ ذلك الحين تم استخدامها في الدوريات بما في ذلك الدوري الإيطالي والدوري الإسباني، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا.

وخلال كأس العالم 2022 أيضاً، شهدت مباراة البرتغال وأوروجواي لحظة جدلية حول هدف كريستيانو رونالدو، حيث حسم التحكيم الاصطناعي الجدل وأثبت أن الكرة لم تلمس رأسه، بل سكنت الشباك مباشرة من تسديدة زميله برونو فيرنانديز.

لمشاهدة التقنية التي استخدمت للمرّة الأولى في كأس العالم 2022 في قطر، الرجاء الضغط هنا

أمثلة حيّة على تدخل الذكاء الاصطناعي

في بطولة دوري أبطال أوروبا 2023، وتحديدًا في مباراة الذهاب بين باريس سان جيرمان الفرنسي وليفربول الإنكليزي، تم إلغاء هدف حاسم بداعي التسلل باستخدام تقنية التسلل شبه الآلية، حيث أظهرت البيانات أن قدم المهاجم الجورجي خفيتشا كفاراتسخيليا كانت متقدمة بمقدار 2 سم فقط، وهو ما لم يكن ليمكن رؤيته بالعين المجردة.

التحكيم الاصطناعي

وفي مباراة بين مانشستر سيتي وليفربول بالدوري الإنكليزي، طلب الحكم مراجعة لقطة هدف مثير للجدل عبر VAR، ليكشف التحكيم الاصطناعي عن لمسة يد غير مرئية أدت إلى إلغاء الهدف، مما غير مسار المباراة بالكامل.

هل تحلّ التكنولوجيا محل الحكام تمامًا؟

رغم أن هذه التقنية أثبتت فاعليتها في تقليل الأخطاء البشرية، إلا أن هناك تخوّفًا من فقدان العنصر البشري الذي يضفي على كرة القدم طابعها العاطفي والدرامي. التفاعل بين اللاعبين والحكام، والتقدير الشخصي للحالات غير الواضحة، هي أمور يصعب برمجتها بالكامل في أنظمة الذكاء الاصطناعي. فصحيح أن الأنظمة الحديثة تقلل من الأخطاء، لكنها ليست معصومة من الخطأ، وتظل بعض القرارات بحاجة إلى تفسير بشري يأخذ في الاعتبار روح اللعبة والنية خلف بعض التدخلات.

التحكيم الاصطناعي

إضافةً إلى ذلك، يرى بعض النقاد أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا قد يقتل العفوية في كرة القدم ويجعلها شديدة الصرامة من حيث القوانين. ومع ذلك، فإن التوازن بين التحكيم الاصطناعي والتحكيم البشري هو المفتاح للحفاظ على نزاهة اللعبة مع إبقاء الإثارة حية في الملاعب.

هل المستقبل للحكام الآليين؟

التحكيم الاصطناعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى