تتجه أنظار المسلمين كل عام لرؤية الهلال في شهر رمضان من أجل ممارسة طقوسهم. على مر العصور وبحسب القرآن الكريم كان الاعتماد على الرؤية بالعين المجردة . أما اليوم وبينما ما زالت المذاهب الإسلامية عالقة في تأويل هذه الاية “فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” (البقرة/185) ، إذا كانت رؤية هلال شهر رمضان تكفي بالعين المجردة للإستهلال أم أن مواكبة الحداثة واستعمال التيليسكوب يعوض عن العين كونه أكثر دقة ، أعلن مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي تحري هلال شهر رمضان لهذا العام، باستخدام «طائرات الدرون» المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي هذا الأمر الذي يعد سابقة عالميّة .
البرامج الذكية لرؤية الهلال
لم يعد التيليسكوب وحده أداة لرصد هلال شهر رمضان فبفضل الذكاء الاصطناعي تم تحسين التيليسكوب وتزويده ببرامج ذكية كتيلسكوب evescope يعد Unistellar eVscope 2 تحسينًا مبتكرًا على تيليسكوب GoTo التقليدي من خلال أحدث التقنيات لتشكيل أحد أسرع وأذكى أنظمة GoTo على الإطلاق . يعمل هذا التيليسكوب على رصد الهلال وتحديد امكانية ظهوره . يجمع هذا التيليسكوب بين مزايا التحكم في التيليسكوب بمساعدة الكمبيوتر وتعزيز الصورة مع المراقبة الكلاسيكية. بالإضافة إلى الكشف عن الجمال الغامض للمجرات البعيدة، يتيح eVscope أيضًا التعاون بشكل مريح مع الباحثين.
الأمر حتى لم يعد يتطلب معادات وتقنيات احترافية فهناك برامج يمكن أن تكون موجودة على هاتفك المحمول وتساعدك في معرفة بداية الشهر الهجري كبرنامج mooncalc الذي يمكنك تنزيله من خلال غوغل بلاي أو الأب ستور. يتيح البرنامج للمستخدمين محاكاة مسار القمر وعرض مواقعه ومراحله في تاريخ وموقع محددين. يمكن من خلاله معرفة أوقات شروق القمر، تتويجه (أعلى نقطة في السماء)، وغروبه، بالإضافة إلى تحديد زاوية الاتجاه والارتفاع لكل موقع وزمان. وهو يستخدم في رصد الأهلة فيساعد في تحديد مواعيد ظهور الهلال، مما يكون مفيدًا للمجتمعات الإسلامية لتحديد بداية الأشهر الهجرية.
أساليب مبتكرة لرؤية الهلال باستخدام الذكاء الاصطناعي
رؤية الهلال أو التنبؤ برؤيته ليس حكرا على الأنظمة المذكورة سابقا فقط، إنما هناك أساليب معتمدة أيضا تتمثل في :
الرؤية بالذكاء الاصطناعي والتعلم العميق،و تُعتبر الرؤية الحاسوبية بمثابة العين في الذكاء الاصطناعي، حيث تمكّن الأجهزة والتطبيقات من رؤية وفهم العالم المرئي كما يفعل الإنسان إذ يتم استخدام هذا الأسلوب من خلال الشبكات العصبية العميقة التي تقوم بتحليل الصور الملتقطة للهلال. تتعلم الشبكة من مجموعة كبيرة من الصور السابقة للهلال وتتمكن من تصنيف الصور الجديدة بشكل دقيق. يمكن تحديد شكل الهلال وموضعه استنادًا إلى معايير معينة، مثل الضوء والتباين.
اضافة إلى ذلك يتم تحليل البيانات الفلكية بالتعلم الآلي، فمن خلال تحليل البيانات التي تُجمع من المراصد الفلكية، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بمكان رؤية الهلال استنادًا إلى الحسابات الفلكية. يتم تدريب الخوارزميات باستخدام بيانات سابقة، مما يساعد في التنبؤ إذا كان الهلال سيكون مرئيًا في مكان معين أم لا
ويمكن من خلال دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات أخرى مثل الطائرات بدون طيار (الدرونز)، التي تلتقط صورًا في أماكن نائية لرصد الهلال. هذه الأنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور وتحسين دقة الرصد.
ليست هذه الأساليب ولا هذه البرامج وحدها المتاحة بل هناك غيرها الكثير ، ولكن ما رأي الدّين في استخدام هذه الوسائل؟
اختلاف المواقف بين السنة والشيعة حول استخدام التكنولوجيا لرؤية الهلال
هذا التحول التكنولوجي لم يكن محل توافق عام بين جميع المذاهب الإسلامية. فبينما يصر بعض العلماء على الإلتزام بالطرق التقليدية، يرى آخرون أن هناك مساحة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في هذه المسائل. هنا يكمن الإختلاف الرئيسي بين السنة والشيعة في التعامل مع هذه القضية، ما يفتح المجال لفهم كيفية تأثير التطور العلمي على الممارسات الدينية في العالم الإسلامي.
يرى علماء السنة أنه لا ضير من استعمال الذكاء الاصطناعي لرؤية الهلال فقد أصدرت دار الافتاء المصري مقالا حول هذا الامر . (…أما قضية المراكز الفلكية واختلاف معاييرها: فإن المراصد الفلكية هي المؤسسات الحكومية التي أنشأتها الدولة بقرارات رسمية، وتحوي بين جدرانها أجهزةً وآلاتٍ فلكيةً قديمةً أو حديثةً متطورةً تستخدم في عمليات الرصد المختلفة، ويقوم بالعمل على هذه الأجهزة فلكيّون حاصلون على الأقل على الدرجة الأولى في علم الفلك -البكالوريوس-، ويمارسون القيام بالبحوث الفلكية في سبيل الحصول على الماجستير في علم الفلك، بما يتيح لهم أن يكونوا أعضاءً في الاتحاد الدولي الفلكي، وهو أقدم مؤسسة فلكية بين جميع المؤسسات العلمية في العالم.)
بينما غالب الرأي عند علماء المذهب الشيعي أن الرؤية بالعين المجردة تكفي وبعضهم يُشكل على استخدام العين المسلحة حتى، وبحسب مكتب المرجع الشيعي السيد علي السيستاني فيبرر عدم استعمال الآلات بتفسير القرآن فيقول : “إنّ القرآن الكريم قد دلّ على أنّ أهلّة الشهور إنّما جعلت مواقيت يعتمد عليها الناس في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وما يصلح أن يكون ميقاتاً لعامّة الناس هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلّي بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة، وأمّا ما لا يرى إلّا بالأدوات المقرّبة فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامّةً” وبحسب شبكة المعارف التابعة للمرجع الشيعي السيد علي الخامنئي فعند السؤال عن طرق ثبوت هلال شهر رمضان وليلة العيد ،كانت الاجابة : يثبت ذلك برؤية شخص المكلف، أو بشهادة العدلين، أو بالشياع المفيد للعلم، أو بانقضاء ثلاثين يوماً، أو بحكم الحاكم.
لربما كان المراد من هذه الآلات تقليل الاختلافات من أجل التوافق لتصوم الأمة الإسلامية سويا ، لكن بسبب اختلاف التأويل واختلاف وجهات النظر فإنّ بعض الكحل قد يعمي .
لقراءة المزيد للكاتبة : اضغط هنا
