“Deepfake” تهدد الفنانين… والتوعية المنقذ الوحيد؟

محمد مصطفى
حقق الذكاء الإصطناعي أو ما عُرف بـ AI تقدماً واسعاً في المجالات كافة، خلال فترة زمنية قصيرة، وإنقسمت الآراء حوله بين مؤيد ومعارض، اذ، خلق إيجابيات وسلبيات في آن واحد.
ومن بين المجالات التي إنقسمت الآراء حولها، المجال الفني، الذي شهد الكثير من المشكلات التي تصدرت الترند في المحيط المحلي والدولي، نتيجة التزييف العميق (Deepfake) الذي طال العديد من الفنانين العرب والأجانب، وساهم في تشويه صورتهم أو إبتزازهم مقابل الحصول على مبالغ مادية، فقد ساهم التطور التكنولوجي للذكاء الإصطناعي في جعل الفرد عاجزاً عن التمييز بين صدقية الفيديو أو الصور من عدمها.
مع العلم أن الكثير من الأخبار انتشر خلال العامين الماضيين ويشير الى أن غالبية الفنانين تعرضت لحملات تكذيب أو إتهامات تطالهم بسبب استخدام الذكاء الإصطناعي، ما أدى الى إثارة الجدل حول نظرة الفن الى هذا التطور الحاصل فيه، وما الضرر أو الايجابية التي لحقت به؟ وما مدى خطورة الذكاء الإصطناعي على المجال الفني والتحدي الذي يشكله للفنانين في مختلف المجالات؟ وكيف تعاطى الفنانون مع هذه المشكلات؟
جدول المحتوى

قصقص: الذكاء الإصطناعي تحدٍ أمام الفنانين
وفي هذا السياق، رأى خبير وسائل التواصل الإجتماعي عمر قصقص في حديث لموقع “إدراك” أن “الذكاء الإصطناعي تحدٍ كبير جداً أمام الفنانين، خصوصاً مع وجود التزييف العميق (Deepfake)، المتعلق باستنساخ الأصوات والصورة، ما يؤثر على قيمتهم الإبداعية وصورتهم وأمنهم الشخصي، لأنه من الممكن على سبيل المثال وضع أي فنان وهو يقوم بشتم رئيس أو مشايخ أو شخصيات أخرى، والشعب يقوم بتصديق الفيديو، ما يجعل الفنان المذكور يتعرض للملاحقة القضائية”.
وأوضح قصقص أن “هناك انتحالاً للهوية الرقمية، وبالتالي من الممكن أن القيام بوضع صور من دون وجه الفنان ومن دون الحصول على إذنه وموافقته، وانتاج أعمال إباحية أو مقاطع تشهيرية، لابتزاز الفنانين مقابل الحصول على مبالغ مادية، وعلى سبيل المثال من ينسى المشكلة التي حدثت مع المغنية الأميركية تايلور سويفت في كانون الثاني العام 2024، اذ، انتشرت لها فيديوهات وصور إباحية على منصة اكس، ما دفع الجمهور الى التحرك فوراً، ليتبين بعد ذلك أن هذه الصورة من نسج الذكاء الإصطناعي”.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن ما حدث مع المغنية تايلور سويفت حرّك الرأي العام، اذ، قال البيت الأبيض إن الصور الفاضحة التي تم التلاعب بها للمغنية الشهيرة وتتداولها وسائل التواصل الاجتماعي مثيرة للقلق للغاية، وحث الكونغرس على اتخاذ إجراءات تشريعية ضد هذه الظاهرة. مع العلم أن إحدى التغريدات التي تحتوي على المادة الفاضحة شوهدت أكثر من 45 مليون مرة قبل حذفها. وكانت شركة “ميتا” المالكة لـ”فيسبوك” تحاول أيضاً حظر الصور التي قالت إنها تنتهك سياساتها.

وإعتبر قصقص أن “الذكاء الإصطناعي يستخدم نمط الفنان في كل المجالات، الرسم، الغناء، التمثيل ما يساهم في فقدان قيمة الأعمال الأصلية”، مذكرأً بأنه “في العام 2023، حدثت مشكلة مع أغنية هارت أون ماي سليفHeart on my sleeve، الأغنية التي أنتجت بالذكاء الاصطناعي، وشركتا يوتيوب Youtube وسبوتيفاي Spotify لم تلاحظا الموضوع ليتبين بعد ذلك أن هناك حقوق النشر للأغنية”.

وعند الإدراك أن هذه الاغنية مزيفة للمغنيين الكنديين درايك وذا ويكند جرى إنشاؤها باستخدام أحد برامج الذكاء الصناعي وتقنياته، وإنتهكت حقوق المؤلف تمت إزالتها نزولاً عند طلب “يونيفرسال ميوزيك غروب”، التي تتولى تمثيل المغنيين الكنديين، على الرغم من أنها حصدت ملايين الاستماعات، بعد أيام قليلة من نشرها.
إثر ذلك، تصدى المغنيان دريك وذا ويكند للأغنية المزيفة الجديدة، وأرسلا إنذارات إلى المنصات التي تبثها بدعوى انتهاك حقوق الملكية، وبالفعل حذفها الكثير من المنصات.
ومن المشكلات التي حصلت بين المشاهير والذكاء الإصطناعي، ما حدث في العام 2023 مع الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون التي إتخذت إجراءات قانونية ضد أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي الذي استخدم صورتها واسمها في إعلان من دون إذنها.
وبالعودة الى الاعلان المزيف المذكور، كانت بلغت مدته 22 ثانية، ونشر على منصة “إكس” بواسطة تطبيق لتوليد الصور يسمى”Lisa AI: 90’s Yearbook & Avatar”، وهو عبارة عن مقطع لصورة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لسكارليت وهي تروّج للتطبيق.
وكان الممثل الأميركي توم هانكس حذر جمهوره بشأن إعلان للأسنان استخدم نسخة من الذكاء الاصطناعي له من دون الحصول على موافقته.
اذاً، من الواضح أن استخدام الذكاء الإصطناعي ليس محصوراً بالمغنين أو الممثلين ضمن فئة محددة، بل أيضاً طال مختلف أنواع الفن ومنهم الرسامون، اذ، رفعت مجموعة من الرسامين دعوى جماعية ضد عدد من برامج الذكاء الإصطناعي كميد جورني، ستايبل ديفيوجن، ودريب أب التي تستخدم الكثير من الصور من الإنترنت. وقبل عدّة أيام كان عدد من الفنانين، حثّ دار المزادات البريطانية “كريستيز”، على إلغاء بيع الأعمال الفنية التي تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي، مدعين أن التكنولوجيا وراء الأعمال ترتكب “سرقة جماعية”.
ورأى الخبير قصقص عبر “إدراك” أن “لدينا فنانين في العالم العربي تحججوا بأن ما سرّب لهم هو بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي، ليتبين عكس ذلك”.
ومن القضايا التي إعتراها الكثير من الشكوك، قضية الفنان راغب علامة ومكالمته للفنان عبد الله بالخير، عندما إنقسمت الآراء حيال أنها مكالمة مُفبركة بواسطة تقنية الذكاء الإصطناعي أو أنها حقيقية وغير مُفبركة. بالاضافة الى فيديو الممثلة السورية هبة نور المخل بالآداب العامة والذي عتراه أيضاً الكثير من الشكوك حول إمكان أن يكون مُفبركاً أو العكس.
ونتيجة كل هذه الأزمات المُفبركة التي يتعرض لها الفنانون، أكد الخبير عمر قصقص لموقع “إدراك” أن “الفنانين الأجانب أو العرب عندما يتعرضون لمثل هذه الحملات، يقومون باجراءات قانونية ضد الجهات التي إنتهكت حقوقهم، بالاضافة الى اصدارهم ترند تحت عنوان نو فايكس no fakes وقاموا بحملات توعوية، ومنهم الممثل الأميركي توم هانكس الذي قام بحملات جماهيرية”.
وحيال تفادي هذه المخاطر، أشار قصقص الى أن “هناك حماية قانونية تضمن بنود العقد كي لا تستخدم أي شركة للذكاء الاصطناعي أي صوت أو صورة من دون الحصول على اذن الشخص وموافقته، بالاضافة الى التكنولوجيا الوقائية، التي تستخدم بشكل دائم الوتر ماركينغ (watermarking)، لكشف التزييف العميق (Deepfake)، وبالتالي يجب أن تتعاون المنصات مع بعضها البعض لكي تأخذ في الاعتبار البلاغات المقدمة من خلال القيام بحذف المحتوى المزيف سريعاً، ناهيك عن القيام بتثقيف المجتمع ككل وتوعيته من خلال نشر مقالات أو فيديوهات ومقابلات متعلقة بخطورة ما يحصل”.
تعليق واحد