Ai والحروب

الذكاء الاصطناعي في حرب غزة: كيف يغير موازين الصراع

لم تكن حرب غزة كالحروب السابقة التي شهدها العالم، فالأرقام الخيالية لأعداد الضحايا والقدرات الخارقة لسلاح الجو الإسرائيلي على التدمير و شن الغارات و ملاحقة الأهداف والإغتيالات الدقيقة جعلت الإنسان عاجزا أمام أفظع مشاهد ممكن ان يحملها التاريخ، فهذه هي أول حروب الذكاء الإصطناعي، الذي أصبح عنصراً أساسياً في العمليات العسكرية بل و أصبح يمثل كامل الهجوم العسكري يرفقه تدخل بشري محدود جدا .

في البداية، كان هذا الذكاء يُستخدم كأداة دعم، فالإنسان هو من يحدد الأهداف والإستراتيجيات و يقتصر عمل الذكاء الإصطناعي على التنفيذ، مثل استخدام الطائرات المسيرة، و لكن تغير هذا النهج بشكل جذري مع تقدم الذكاء الاصطناعي، ليصبح هو من يتولى تحديد الأهداف وتنفيذ العمليات العسكرية بشكل شبه مستقل و هذا ما تجلى بوضوع في الحرب على غزة و يرجع ذلك إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة كميات ضخمة من البيانات في وقت قياسي، مما يتيح له  اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة في تحديد الأهداف  ، متغلباً بذلك على القيود البشرية التي قد تبطئ مثل هذه العمليات .

تواطؤ الشركات العملاقة في حرب غزة

استخدمت اسرائيل في استراتيجيتها القتالية و استعمالها لتقنيات الذكاء الإصطناعي كميات هائلة من المعلومات التي قامت الشركات الكبرى العملاقة google و Microsoft  و amazon والتي تخزن هذه المعلومات،  ببيعها لإسرائيل بعد فترو وجيزة من هجوم حماس وفق ما ورد في” واشنطن بوست”  و تشمل المعلومات كل جانب من جوانب حياة المواطن الفلسطيني و ستعمل اسرائيل على جمع قاعدة بيانات حول كل فلسطيني لتعرف ماذا يفعل و ماذا يريد و ما ينشره على الانترنت من هنا يظهر مدو تواطؤ الشركات الكبرى في خطط اسرائيل السرية والتي كانت الحجر الأساس لإنشاء انظمة لتحديد الأهداف وفق هذه البيانات

صورة توضح تواطئ الشركات العالمية في الابادة في غزة
صورة من الانترنت

ثلاث أنظمة استخدمتها اسرائيل في حرب غزة

استخدمت اسرائيل لتنفيذ استراتيجياتها في غزة كما في لبنان بناء على قاعدة البيانات التي حصلت عليها ثلاث أنظمة تعمل على تحديد الأهداف ،و كل نظام يخدم غرضا محدد

gospel ; lavender; and where’s daddy.

صورة مولدة من الذكاء الاصطناعي حول انظمة تحديد الاهداف في الحروب
صورة مولدة من تشات جي بي تي

نظام غوسبل في حرب غزة

يعمل هذا النظام على تحديد الأهداف العسكرية لا سيما المباني والهياكل و هنا يعمل الذكاء الإصطناعي على تحديد الهدف و صنع القرار و لا حاجة للتتدخل البشري .

تقنيا يعمل بمزج صور الأقمار الصناعية و لقطات المسيرات و كاميرات المراقبة والإتصالات و يحلل هذه البيانات لتحديد المباني الي تستخدمها حماس، كما يحدد المباني ذات التحصينات والهياكل المعززة والمواقع التي تزورها مجموعات كبيرة بانتظام ليحلل لاحقا الصور بدقة خيالية فيتعرف على نوع المواد المستعملة في البنيان و يميز التضاريس الضيقة كمداخل الأنفاق والخنادق او وجود منشأت.

فمثلا” في حرب غزة 2021 استخدم هذا النظام و استطاع تحديد 100 هدف و لكنهم تمكنوا فقط من استهداف 50 هدف و يعود ذلك لعدم تمكن اسرائيل سابقا من رصد جميع الأهداف لذلك طور غوسبل و بات يعمل على رصد اخلاء المدنيين للمباني المستهدفة قبل وقت قصير من شن الغارة و هذا ما تجلى بالإنذارات التي تقوم بها اسرائيل لإخلاء مباني محددة فيصبح الأمر أشبه بإشارات المرور يسير وفق الإشارات الضوئية.

صورة من الانترنت تظهر كيف يعمل برنامج gospelفي حرب غزة
صورة من الانترنت

نظام لافندر في حرب غزة

خلال الأسابيع الاولى حدد هذا النظام 37000 هدف من خلال جمع بيانات 2.3 مليون نسمة في غزة من خلال نظام مراقبة جماعي واسع النطاق .

يعمل لافندر على تحديد اهداف بشرية فيستوعب بيانات عن أعضاء حماس و يستخدم المعلومات لتحديد أنماط و سلوكيات الأفراد فيقارن هذه الخصائص بالأهداف المحتملة ثم يفلتر الأهداف من خلال مراقبة كل فرد كمراقبة مجموعات وتساب والاتصالات الهاتفية والتغيرات في العناوين و أي فرد تتوافق صفاته مع صفات المسلح يصبح هدفا مؤكد.

نظام (ويرز دادي) في حرب غزة

و هو المعروف بنظام استهداف المنزل، صمم هذا النظام لتتبع الأفراد و اغتيالهم عبر تفجيرات تنفذها اسرائيل عندما يدخل الشخص الى منزله مع تواجد اسرته، بدل مهاجمته أثناء النشاط العسكري لأن نجاع اغتيالهم اعلى عند تواجدهم في منازلهم مقارنة بالمناطق القتالية الضيقة .

تقنيا يعمل هذا النظام على ربط الأفراد بأماكن سكنهم و يتتبع الاف الأفراد في وقت واحد فعندما يحدد اللحظة التي يدخل فيها الفرد الى منزله يرسلون تنبيه الى ضابط الاستهداف لضرب المنزل على الفور.

صورة توضح كيفية عمل نظام اين ابي wheres dady من الجزيرة . نت
صورة من الجزيرة.نت

الضحايا المدنيين، أضرار جانبية للذكاء الإصطناعي

في تصريح لأحد قادة الجيش الإسرائيلي لغرديان ”يذكر فيه ان اسرائيل اعتبرت انه يجوز قتل 100 مدني فلسطيني في الهجمات على مسؤولي حماس اي مئة مدني لكل قائد لواء أو كتيبة و في المقابل بإمكانها أيضا” قتل بين 15 الى 20 مدني مقابل العضو في حماس اي من هو أقل رتبة من المسؤول،

الملفت أن اسرائيل و باستخدامها أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف البشرية و عند اتمامهم مهمة تجريم الفرد و تحديده كهدف شرعي يتم التوقيع على استمارة الموت من قبل مستشار قانوني لقوننة و تشريع ما حددته الالة من أهداف تبين انها ليست دقيقة فقد تختلط الأمور على انظمة الذكاء كلافندر مثلا فهو يخطئ بالإشتباه بالسلوكيات بين اعضاء حماس من جهة و أفراد الشرطة والدفاع المدني و أسماء مشتركة بين مدنيين و مسلحين, من جهة ثانية ان نظام الاستهداف بالمنزل (ويرز دادي)  والذي يقوم على ضرب الهدف في منزله و مع اسرته زوجته و أطفاله  ايضا يشترك في عملية قتل المدنيين و اعتبارهم أضرار جانبية لتنفيذ خططها الحربية و التطهير العرقي الذي تعمل عليه اسرائيل

صورة تظهر شهداء غزة وعوائلهم
صورة من BBC

.

أخيراً، يقول بول شار مؤلف كتاب جيش لا أحد، الأسلحة المستقلة و مستقبل الحرب  ” إن و تيرة التكنولوجيا تتفوق كثيراً على وتيرة السياسات فمن المحتمل ان تكون أنواع أنظمة الذكاء الإصطناعي التي رأيناها حتى الآن متواضعة جداً مقارنةً بتلك المحتمل ان تأتي في المستقبل القريب”

ان تطور الذكاء الاصطناعي سيما باستخدامه بالحروب العبثية على الشعوب مع تواطؤ شركات المعلومات العملاقة و بعيداً عن القوننة و كل ما يمكن ان يحكم أو يحد من تعسف هذه الآلة و مع الاستخدام المحدود جداً للبشر لها و بالرغم من عدم دقتها الا انها باتت تشكل تهديداً مرعباً للعالم أجمع فمعظم الدول نظرت لحرب غزة نظرة إعجاب بروعة و ذكاء هذه الآلة بل و ازداد الطلب على امتلاك هذه الأنظمة و تطويرها فالعقل البشري جرد من كامل انسانيته و بات هدفه ابتكار و تطوير الذكاء الإصطناعي ليصبح أكثر عنفاً و فتكاً .

صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى