Uncategorized

الذكاء الإصطناعي و”الخوارزميات” تحد ٍ للدين… والمراقبة الحل الوحيد؟

محمد مصطفى

لا يزال الذكاء الإصطناعي أو ما عُرف بـ”AI”، محط أنظار خصوصاً في ظل تقدمه وتطوره يوماً بعد يوم، وإنعكاسه على مختلف المجالات، ما خلق تخوفاً لدى البعض، لا سيما في الشق المرتبط بنظرة الأديان على مختلف تنوعها اليه، بعدما دعا الفاتيكان في وقت سابق، الحكومات إلى مراقبة تطور الذكاء الإصطناعي عن كثب، وحذر في وثيقته من أن “ظل الشر” موجود في هذه التكنولوجيا، لقدرتها على نشر المعلومات المضللة، وتحديداً بعدما بات الذكاء الإصطناعي يخلق الكثير من الأخبار والفيديوهات المُزيفة وبات من الصعب التمييز بينها.

ونتيجة هذا التقدم، كان لا بد من طرح عدّة تساؤلات، في مقدمها كيف تنظر الأديان الى الذكاء الإصطناعي؟ هل تخاف منه أو تخشاه؟

عريمط: الإسلام يؤيد

رئيس "المركز الإسلامي للدراسات والإعلام" الشيخ خلدون عريمط
رئيس “المركز الإسلامي للدراسات والإعلام” الشيخ خلدون عريمط (المصدر: google.com)

وفي هذا السياق، قال رئيس “المركز الإسلامي للدراسات والإعلام” الشيخ خلدون عريمط، في حديث لموقع “إدراك”: “الرب سبحانه وتعالى أنزل الإسلام لخدمة الانسان وأي إختراع أو إبداع أو إكتشاف يؤدي الى خدمة الإنسان، الإسلام يؤيده ويدعمه، ومن هنا علينا أن ننظر، هل هذا الإختراع الذي هو الذكاء الاصطناعي يخدم الإنسان وكرامة الإنسان وقيم الانسان أم لا؟ وفي ضوء هذه النتائج يحدد الموقف الشرعي من هذا المصطلح الجديد المعروف بالذكاء الإصطناعي”، معتبراً أن “علينا أن ننظر اليه بميزان هل مصلحة الإنسان في هذا الذكاء، أم أنه يتناقض مع مصلحة الإنسان ويعمل على الإساءة الى الانسان، وبالتالي في ضوء نتائج هذا الذكاء الإصطناعي يُحكم عليه إن كان جائزاً شرعاً أم لا”.

ورأى عريمط أن “الاسلام لا يخشى إطلاقاً أي أفكار تؤدي الى خدمة الإنسان، خصوصاً وأن القضية المرجية لدى الإنسان هي الإنسان وكرامته ومسيرة الإيمان التي أنزلها الله سبحانه وتعالى لتصحيح مسيرة الحياة”.

الجوهري: الدين لا يحدّ

رئيس المركز العربي للحوار والدراسات الشيخ عباس الجوهري
رئيس المركز العربي للحوار والدراسات الشيخ عباس الجوهري (المصدر: google.com)

من جانبه، أشار الشيخ عباس الجوهري لموقع “إدراك” الى أن “الانسان إستطاع صناعة الحاسوب الذي من خلاله تم تطوير برامج ذكية لتدير نفسها بنفسها، وبالتالي قد ينسى المواضيع الأخلاقية، ويصبح الدين ينظر اليها بشكل جزئي، وبالتالي الدين حرّض على العمل والدرس وأعمال العقل بما فيه خير للبشرية، أما عندما يصبح الذكاء الإصطناعي يضر الإنسانية فيصبح السؤال الأخلاقي ليس على الدين وحسب، بل على الإنسان. والانسان غير المتدين لديه منظومة أخلاقية، وحتى الملحدون هناك منظومة أخلاقية إنسانية صنعها العقل البشري، لذلك هذه التحديات مطروحة على الإنسانية وعلى الفكر الديني، والدين يحبذ تقدم الانسان ورفاهيته والذكاء الاصطناعي يسرّع من قدرات الإنسان على الوصول الى تشخيص أو معلومة”.

وأضاف: “أعتقد أن الذكاء يستعمل ليس بتحفظ بل بمراقبة لنعرض نتائجه على القيم الدينية وبعدها يؤخذ الحكم، ولكن الدين لا يحد من إستعماله ولا يرفضه”.

وعن الفيديوهات التي تُنشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي تحت هدف التشهير أو الإساءة الى الطوائف أو الشيوخ أو المطارنة، ويتبين بعد ذلك أنها ممنتجة ومُفبركة بواسطة الذكاء الإصطناعي، أكد الجوهري أن “الشرع مماثل للقانون، وهو يجرّم الإساءة الى الإنسان وحرمته، ولا يجرّم الذكاء الاصطناعي بل من يستعمله، من ركب الصورة أو الفيديو وساهم في إهانة شخص، ويجرّم من عمل بها”.

نصر: للتنبه من المخاطر

الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر
الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر (المصدر: google.com)

وقال الأب يوسف نصر لـ”إدراك”: “لقداسة البابا رأي واضح بإستعمال كلمة الذكاء الإصطناعي، خصوصاً وأن الذكاء إنساني وهو الذي يستعمل التكنولوجيا لخدمة الإنسان. التكنولوجيا هي وسيلة مهمة وضرورية لا بد منها، ولكن تبقى بحدود الوسيلة في خدمة الإنسان وتطوره، واذا ما شكلت هذه التطورات التكنولوجية خطراً على الإنسان فيجب الوقوف في وجهها، ووضع حد لها”.

وشدد الأب نصر على أن “التكنولوجيا ضرورة وحاجة ووسيلة مهمة ومفيدة، ولكن على المقلب الآخر يجب التنبه الى مخاطرها، فهي ليست بديلاً عن الذكاء الإنساني أو عن الشخص البشري ولا يجب أن تُشكل تهديداً لكرامة الإنسان وحقوقه، وبالتالي يجب وضع التكنولوجيا وكل التطور الحاصل في موقعه السليم والصحيح للإستفادة منه لدرء أخطاره”، مشيراً الى “ضرورة القيام بتوعية على أن التكنولوجيا هي وسيلة محدودة يجب الاستفادة منها بهدف تطوير الحياة وكل ما هو من أمور مفيدة لصالح الانسان، ويجب وضع نظام وتربية الطفل عليها، من خلال إستعمال معين ومحدود للتكنولوجيا”.

خليل: الخوارزميات تجيب البشر

الخبير في التحول الرقمي والتكنولوجي فريد خليل
الخبير في التحول الرقمي والتكنولوجي فريد خليل (المصدر: google.com)

أما بالنسبة الى نظرة الخبراء، فأشار الخبير في التحول الرقمي والتكنولوجي فريد خليل عبر موقع “إدراك” الى أن “وثيقة الفاتيكان أتت تحت عنوان ظل الشر، وكان البابا يطرح مخاوف من الذكاء الإصطناعي، تؤثر على البشر ضمن عدّة عوامل أساسية، خصوصاً وأنه يولد أخباراً مضللة وهذا معروف، لأن الأخبار والمعلومات تصدر كما تريد الخوارزميات، ومن الصعب التمييز بين ما هو مفبرك عبر الذكاء الاصطناعي، وما هو عكس ذلك، بالاضافة الى التخوف الآخر المرتبط بالمخاوف من الفجوة الرقمية نتيجة التطور بين دولة وأخرى، ما يؤثر على المجتمع خصوصاً وأن هناك مجتمعات تتقدم ومجتمعات تعود الى الوراء أكثر وأكثر”.

ولفت خليل الى أن “تعامل البشر لم يعد من انسان بشري لآخر بل مع خوارزميات، باتت تحدد مصير الانسان وبالتالي تصبح هناك توجيهات للشعب بطريقة معينة وتحديداً في الأسئلة الوجودية، من الدين الأصح في البلاد، وبالتالي تكون الاجابة بحسب المعلومات التي إعتادها، ما يجعل كل فرد يدخل في أسئلة وجودية له تؤثر على حياته”.

وحيال مدى إختلاف نظرة الأديان الى الذكاء الإصطناعي، رأى خليل أن “الأديان تختلف بنظرتها الى الكثير من الأمور، الدين لا ينظر الى الذكاء الاصطناعي لكونه أداة سيئة والفاتيكان لم ينظر الى الذكاء بشكل سيء بل قال انه يعزز الانتاجية، وحُسن استخدامه يساعد البشرية في التطوير الطبي، وزيادة الانتاج وراحة الانسان، لذلك دعا الدول الكبرى الى مراقبة الذكاء الاصطناعي وتحديداً في المواضيع الأخلاقية التي تحكم بين البشر. اذاً ان الدين ينظر بشكل ايجابي الى تطور الذكاء الإصنطاعي، ولكن نتيجة الأخبار المُضللة والتزييف العميق والخوارزميات يطرحون علامات إستفهام من خلال الاضاءة على مخاطر الذكاء الأخلاقية والانسانية وليس محاربته”.

وأوضح أن “الذكاء الاصطناعي يساهم في تغيير آراء الناس، تحت كلمة الذكاء وهذا ما يؤثر بشكل أكبر على البشر، وتحديداً في الشق المرتبط بالهوية الدينية للفرد، كما في المواضيع الأخلاقية وتركيب الصور والفيديوهات، بالاضافة الى خطورة التفرد بالوجود، من خلال أن يصبح الذكاء الاصطناعي هو خالق الكون ومصدر القوة في كل شيء، ويتفوق على الإنسان”.

وأكد خليل أن “المشكلة التي يواجهها الفرد، عندما يسأل أحدهم الذكاء الإصطناعي حول قضية دينية، فاذا قام أحد بطرح سؤال مرتبط بما هو الدين الصحيح بين الأديان، ستكون الإجابة مرتبطة بالمعطيات والمعلومات التي تعززها الخوارزميات، ونتيجة الإجابات التي كان يتلقاها من أشخاص سابقين يقوم الذكاء الإصطناعي بإعطاء إجابة عن الدين الأصح من بين كل الديانات السماوية”.

أضاف خليل: “وفق التجارب التي قام بها البعض، عندما يسأل الذكاء الإصطناعي أسئلة تفصيلية بالدين يجهل الإجابات ويقوم بالعديد من الأخطاء، فاذا تم طرح إسم أي من الكهنة أو المشايخ يضع الأسماء الخاطئة، أو ضمن مراكزهم الخطأ، وطالما هناك الكثير من الأخطاء، يجب تنظيم هذه الخوارزميات. وطالما الذكاء تسيطر عليه شركات كبيرة، هناك تخوف منها من قبل الأديان، خصوصاً وأنها تساهم في الانحراف، كما أن النقطة الجديدة التي تدخل بالدين، متعلقة بإبتكار الروبو مكانة للتكوين الجنيني فيه، أي EXO BOMBS ROBOTS، وهذا موضوع ديني وأخلاقي كبير”.

اقرأ ايضًا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى